تعليق على مقال د. طارق عبد الحليم.هل الأصل في بلاد المسلمين اليوم الكفر .. أم الإسلام
هو المسؤول عن التيار السني الذي لا قدم عقيدة صحيحة ولا منهجا شرعيا تجتمع عليه الأمة واعتبره هو التيار الذي يجب ان تجتمع عليه كل الحركات والأمة
يقول الكاتب (وصلتني رسالة من أحد القراء الأحباء يقول فيها ". ذكرتم فى الملاحظة الأولى أن (الأصل في المسلم ممن ولد عليه أنّ لا يتغيّر حكمه إلا بيقين)، فنعم والمشهور عن العلمانية التي نحيا فيه و الناس من زمن و زمان أنها دين الهوى فتارة مع الدين و تارة ضده فهي لا تثبت على حال يمسي المرء مؤمناً و يصبح و العياذ بالله كافراً غير أن الظاهر المعروف أناس يقولون لا إله إلا الله و يتخذون القبور و أهواءهم قوانين يعبدونها من دون الله .. و السؤال . العذر بالجهل في إنفاذ العقاب و ليس في إطلاق اللفظ و الألقاب .. لفظ الكفر و ألقابه .. هذه العبارة خطأ أم صواب؟". وقد رأيت أن أنشر جواباً فيه بعض التفصيل، لتتم به الفائدة إن شاء الله. وما أرى إلا أنّ السؤال ينقسم إلى قسمين، أولهما عن قضية التكفير، وثانيهما عن قضية العذر بالجهل.
أما عن القسم الأول، وهو ما عُرف بقضية التكفير، فإنّ التكفيرَ حكم شرعيّ، تجري عليه كافة القواعد الشرعية التي تجرى في أبواب الفقه. ومن المعلوم المستفيض أنّ الناس في بلادنا، الذين يعيشون فيما يسمى بالرقعة الإسلامية، ظلوا على دين الإسلام منذ 13 قرنا على الأقل. فالأصل فيهم أنّهم على الإسلام. ثم عرض في هذا الزمان، في المائة عام الأخيرة، عارض العلمانية، وما يتبعها من أقوال الديموقراطية وغيرها، مما جعل شبهة أن عامة الناس قد تحولوا عن دين الإسلام قائمة في عقول بعض من منتسبي العلم، أو صغار طلابه.
ويجب، في هذا الشأن، أن نبيّن أنّ ما عرض على المجتمع إنما هو شبهة دخلت على كثيرٍ من الناس، أنّ الديموقراطية هي حكم الشورى، وأنها لا تنافر الإسلام ولا تتعارض معه. وهذه الشبهة قد دخلت على الكثير من القيادات، بل ومن ينسبون أنفسهم للعلم في بعض الحالات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.)
قلت (لكل مسالة مداخلها الشرعية الدخول اليها من غير مدخلها الشرعي تلبيس للحقائق ووضعها في غير مواضعها ،ومن ثم لن نستفيد منها بيانا الا كلاما لا صلة له بالبيان الشرعي ولا بالواقع، فلا بد ان نميز عن اي مناط نتحدث ،هل حكم الفرد في ذاته ام حكم الفرد من خلال حكم الطائفة أو حكم المجتمع ،وما هي الاقوال والافعال التي يراد توصيفها هل هي من الشرك المضاد للتوحيد أم راجع للأقوال الخفية ،وهل تكتسب تلك الاقوال والافعال تكييفها الشرعي من خلال رؤية العباد لها في كونها خفية أو ظاهرة أو كونها اشتبهت عليهم أم لا ، أم من خلال الحاكم المشرع الله وحده لا شريك له ، وان هناك نوعين من الاحكام الأحكام التكليفية التي يطلق عليها الاسماء والاحكام الوضعية التي يطلق عليها طرق اجراء الاحكام وكلها احكام الله عز وجل ،وضرورة البيان تستلزم التفريق بينهما لا خلط احدهما بالآخر ،السائل عن حكم الفرد وهو يتحدث هنا عن احكام المجتمع وأن ما عرض لها من الديمقراطية انما هي شبهة حيث ظنها الناس الشورى وكذلك عامة القيادات دخلت عليهم هذه الشبهة ،وفي الحقيقة ان العلمانية فرضت على الأمة فرضا مع الاحتلال الصليبي لبلاد الإسلام والعلمانية من الكفر الأكبر المستبين ولا تغير من حكمها شبهة ولا غيرها لأنها تعني رفض ألوهية وحاكمية وسيادة الله واعطائها للشعب ومن ثم هناك فرق بين من يقبلها ومن يرفضها ومن ثم الحديث عن كفر الفرد في ذاته من خلال وقوعه في أقوال وأفعال مكفرة ثم كيفية كفره من خلال المجتمع
ضوابط الأحكام بالنسبة للمجتمع
بالرغم من تفشي ظواهر الشرك والبدع والمعاصي في المجتمعات الإسلامية المعاصرة قبل دخول العلمانية وبعدها إلا أن هناك مجموعة من الشروط والموانع التي تمنع من إطلاق الأحكام :-
1- دخول هذه المجتمعات في وصف الأمة ومن هنا تعامل بالمقاصد الشرعية لحفظ الأمة والتي أشار إليها الإمام الشاطبي في كتابيه الاعتصام والموافقات ويمكن إجمال هذه المقاصد فيما يلي :
أ-إرخاء الستر .
ب-انتظار الفيء.
ج-طلب المؤالفة
ومن ثم عدم إطلاق الأحكام بالكفر وذلك لاستفاضة البلاغ ولإحياء الأمة بدلا من مباينتها واعتزالها .
2- ثبوت وصف الغربة بالنسبة للعلماء وهى غربة يخشي منها انقطاع الإسلام بالإسراع إلى المفاصلة والاعتزال قبل طلب المؤالفة والإحياء.
3- ثبوت وصف الضعف اللازم للغربة ،وهذا يقتضى كما بين شيخ الإسلام في الصارم المسلول أن المصلحة الشرعية عندما يكون الإسلام في حالة ضعف أن نعاملهم بقول الله عز وجل" وَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (48) "،وأنه إذا كان الإسلام في عز وتمكين فإنه ينبغي العمل بقول الله عز وجل "يا أيها النبي جاهد الكفار والمشركين وأغلظ عليهم"
4-حالة الالتباس في المفاهيم التي تعيشها الأمة والتي من خلالها لا تستطيع أن تواجه أعدائها ولا أن تعبر عن كرهها وإنكارها للأنظمة العلمانية.
5-حالة الالتباس الناتجة من عدم التميز بين أفراد الأمة ،لأن الناس فيها أخلاط شتي ،فمنهم من رضى وتابع ومنهم من كره وأنكر، وهذا الموقف أدخل ستراً على الداخلين في ظواهر الرضي والمتابعة والداخلين في الشرك والردة ،وهذا الستر هو الذى يعطى هذه التجمعات وصف الانحياش إلى الأمة حتى مع ثبوت وصف الردة في الآخرة.
6-حالة الجهل التي تعيشها الأمة، يقول شيخ الاسلام :( ونحن نعلم بالضرورة أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعو أحداً من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم بلفظ الاستغاثة ولا غيرها كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ولا إلى ميت ونحو ذلك بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور،وأن ذلك من الشرك الذي حرّمه الله ورسوله، ولكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة فى كثير من المتأخرين لم يمكن تكفيرهم لذلك حتى يبين لهم ما جاء به الرسول فيما يخالفه.قلتُ: فذَكَر - رحمه الله تعالى - ما أوجب له عدم إطلاق الكفر عليهم على التعيين خاصة بعد البيان والإصرار، فإنه قد صار أمَّة وحده، ولأن من العلماء من كفَّره بنهْيه لهم عن الشِّرك، فلا يمكنه أن يعاملهم إلا بمثل ما قال، كما جرى لشيخنا محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - في ابتداء دعوته، فإنه إذا سمعهم يدعون زيد بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: "الله خير مِن زيد"؛ تمرينًا لهم على نفي الشرك بلين الكلام؛ نظرًا للمصلحة وعدم النفرة، والله تعالى أعلم
7-اعتبار المآلات والسياسة الشرعية وسد الذرائع :-
فإنه صلي الله عليه وسلم كان يخاف أن يترتب على قتل المنافقين في المدينة من الفساد أكثر من استبقائهم ،وقد بين ذلك حين قال ( لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه) وهذا للبعيد حتى لا يظن أن محمداً صلي الله عليه وسلم ليس رسولاً وإنما هو ملك ظهر وأخذ يقتّل أصحابه كما هي عادة الملوك ، أو كما قال : (إذاً ترعد له أنوف كثيرة بيثرب لو أمرتهم اليوم بقتله لقتلوه ) وهذا رد على عمر بن الخطاب حين قال دعني أضرب عنق هذا المنافق، فخاف من أن تحدث فتنة داخلية لعدم وضوح أمرهم للعام والخاص) ومن هنا يكون الأصل في الناس الاسلام ويكون حكم الفرد مسلما حتى يتغير الحكم ولا يمنع ذلك من الاستبراء للدين والعرض نظرا لغلبة الشرك في حق البعض إن أرادوا
ضوابط الأحكام بالنسبة للطائفة المحادة ( النظام العلماني )
1- ليس هناك حرج في إطلاق الأحكام بالنسبة لهذه الطائفة حيث إنها الطائفة المحادة لله ولرسوله وللمسلمين المحافظة على استمرار تبديل شرع الله وتحليل الحرام وتحريم الحلال ،واستبدلت بدينه النظم والمؤسسات العلمانية لذا ليس هناك مبرر ولا مانع من إطلاق أحكام الكفر عليهم لاستبانة سبيل المجرمين ، واستبانة سبيل المسلمين ، وإلا وقعت الحركة في الالتباس .
2- حربها الشاملة لله ولرسوله وللمؤمنين بكل ما تملك من عدد وعتاد ،فهم أئمة الكفر.
3- هذه الطائفة هي طائفة العملاء والخونة والطغاة التي باعت الدين والوطن والشعوب في سبيل مصلحتها الشخصية .
4- حكمها الكفر بالجملة أو بالعموم ، بالجملة حيث لا يحكم على كل معين فيها بكفر ،إذا كان في أمره خفاءٌ ،يتطلب استيفاء شروط وانتفاء موانع في حقه ، ولكن يقاتل على ما عليه فئته ، ويستحل منه ما يستحل منها ، ونَكِلُ أمره إلى الله –تعالى- وأما من كان كفره بواحا داخل طائفة أو خارجَها فهذا لا حرج في تكفيره ،أو بالعموم أي أن كل معين فيها كافر
ويترتب على ذلك :
1- إسقاط شرعية الأنظمة والأوضاع العلمانية .
2- نزع الولاء عنها .
3- إعطاء شرعية بديلة لجماعات العلماء وإعطائها شرعية التجمع حولها والقتال معها بضوابطه الشرعية ضوابط الأحكام بالنسبة للأفراد
ضوابط الأحكام بالنسبة للأفراد
1- من أتى بأقوال أو أفعال ليست بعينها مكفرة ولكن مآلاتِها ولوازمَها المباشرة مكفرة فهذا يُتهم بالكفر ولا يكفر إلا بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع ( كالقول بخلق القرآن )
( وهذا في المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها على بعض الناس كما في مسائل القدر والارجاء ونحو ذلك مما قاله أهل الأهواء) ( الدرر السنية ج10)
2 - من أتى بأقوال أو أفعال هي بعينها مكفرة ،ولكنها تحتمل وجها آخر غير الكفر لكونه حديث عهد بإسلام ، أو قادما من بادية نائية ، أو غير ذلك من الشبهات والعوارض ، فهذا يتهم بالكفر أيضا ولا يكفر إلا بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع [ كاستحلال الخمر أو الزنا ] فهذا مع عدم العلم لا يكون استحلالا فلابد من العلم حتى يتكون الوصف المناسب الذى يتنزل عليه الحكم الشرعي ، قال شيخ الاسلام [ولهذا لم يكفر العلماء من استحل شيئاً من المحرمات لقرب عهده بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة ، فإن حكم الكفر لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة] (مجموع الفتاوي ج 4)
3ـ من أتى بأقوال أو أفعال هي بعينها مكفرة ، ولا تحتمل وجها آخر غير الكفر ، مثل ادعاء شريك مع الله ، أو البنوة له ، أو دعاء غير الله والاستغاثة به ، أو تحكيم شرع غير شرع الله فهذا يدان بالكفر قبل الاستتابة وتكون الاستتابة لحفظ النفس وعصمتها بالإسلام بعد رجوعه إليه ، وليس بغرض استيفاء الشروط وانتفاء الموانع لثبوت البينة والحجة الشرعية بالكفر .
يقول شيخ الإسلام :( ويجوز في الردة الإدانة بالكفر قبل الاستتابة وتكون الاستتابة لحفظ النفس وعصمتها بالإسلام بعد فيئها إليه وليس بغرض استيفاء الشروط وانتفاء الموانع - لثبوت البينة والحجة الشرعية بالكفر ثم يستتاب مع ذلك. (منهاج السنة ج3 )
فمن ارتد عن الإسلام قتل بعد الاستتابة - فحكموا بردته قبل الحكم باستتابته - فالاستتابة بعد الحكم بالردة ، والاستتابة إنما تكون لمعين. ( )
ويراد بالاستتابة معنيان:
أ- طلب التوبة ممن حكم عليه بالردة .
ب-تحقق شروط وانتفاء موانع قبل الحكم عليه بالردة .
4ـ من أتى بأقوال أو أفعال هي بعينها مكفرة ، ولا تحتمل وجها آخر غير الكفر ، وليس لها توبة وهى الردة المغلظة ، وقد سبق الحديث عنها)
يقول الكاتب (فمسألة ان الديمقراطية هي حكم الشورى مقتصرة على بعض الحركات اما عامة الناس فما لها وللشورى وللديمقراطية
والشاهد هنا أمورٌ ثلاثة يجب التحقق منها، قبل الشروع في تطبيق الأحكام الشرعية
أولاً: هل دخلت هذه الشبهة على غالب سكان البلاد، حتى قلبت الأصل فيها بيقين لا خلاف عليه، فأصبح غالبها علمانيين
ثانياً: هل يصحّ تكفير المعيّن، بناء على شبهةٍ تعرض للمجتمع قبل أن تثبُت عليه عيناً؟
ثالثاً: هل هذه الشبهة من باب المسائل الظاهرة أم من المسائل الخفية؟
قلت (في الحقيقة العلمانية ليست شبهة انما هي دين ثم انها فرضت على الناس فرضا ومن ثم يكون الحديث عن قبول الناس لها أو رفضهم لها مما لا شك فيه ان ظواهر الردة انتشرت بين الناس ولكن لا يعني هذا تغيير حكم الامة من الاسلام الى الكفر بل الأصل فيها الاسلام وهذا يعني أن حكم الفرد فيها الاسلام الا من ارتكب الكفر البواح فهذا كافر ومن ثم من خلال ما عرض للمجتمع من العلمانية لا يكون حكم الفرد الكفر أما حكم الفرد في ذاته يكون اذا ارتكب الكفر البواح فنحن عندما نتكلم عن حكم الامة او جماعة ما نتحدث عن حكمها بالأصالة وعن حكم الفرد بالتبع مع إن حكم الفرد بنفسه في ذاته شيء آخر ،ومن ثم يجب ان نفرق بين طرق الأحكام الثلاثة حكم الفرد في ذاته وحكم الطائفة في ذاتها وحكم المجتمع في ذاته ، ثم حكم الفرد من خلال الطائفة او المجتمع بالتبع لا بنفسه بالأصالة
ويقول (، إنّ دعوى أنّ غالب المجتمع قد أصبح علمانيّ يدين بالعلمانية، ويعلم معارضتها للإسلام، هي دعوى عريضة لا تصحُ بحالٍ من الأحوال. إن هؤلاء الذين يدعون أنفسهم "نشطاء"، وأتباع الأحزاب العلمانية كلها معاً، من المخلصين لفكرتها، والبلطجية الذين لا دين لهم أصلاً، لا يزيدون عن مليونين على أكثر تقديرٍ، ثم أضف الي هؤلاء منتسبي الجامعات الأمريكية والخاصة، من أهل المال والجاه، ثم أضف لهؤلاء حول خمسة ملايين صليبي قبطي، تجدك وصلت إلى رقم الثمانية ملايين الذين انتخبوا أحمد شفيق لعنه الله، وهؤلاء لا يمثلون أكثر من 10% من شعب مصر. فالمبالغة إذن في قول أن غالب الشعب قد انقلب إلى العلمانية قولٌ لا يصح بوجه معقول على الإطلاق، إلا عند من اتبع هواه وصار التكفير فطرة يحيا بها.
قلت (في الحقيقة ان هذا الحسبة عجيبة فنحن نعرف ان كثيرا من الناس دخلوا في الشرك والعلمانية وان مهمة الحركة الاسلامية ليست التكفير بل مهمتها احياء الامة بدعوتها الى الحق من جديد وهو مما يقتضي الدخول تحت السياسة الشرعية ومقاصد الشريعة للحفاظ على الأمة كما ان الشرك لا يقتصر فقط على العلمانية فهناك شرك النسك الذي وقع فيه غالب الناس وشرك الولاء ومن ثم يحكم العلماء على الامة بالإسلام على الرغم مما فيها ،وذلك بعكس الجماعات التي تجتمع على قول او فعل كفري فهي من الممكن ان تطلق احكام عليها بالكفر ومواجهتها ان تطلب الامر وتوفرت المقدرة ،وحكم الفرد يختلف فيها من طائفة الى أخرى حيث ان هناك طوائف اجمعت الأمة على كفرها واصبح الحكم يشمل كل واحد فيها كالبهائية والبهرة والدروز مما يختلف عن كفر العلمانية بالرغم من اجماع الأمة على كفرها الا ان التكفير هنا بالجملة حيث لا يعني ان كل فرد له حكم الكفر ولو قلنا بالعموم فانه يعم الجميع
فيقول الكاتب(فإن صحّ ما قلنا، وهو صحيح، فإنّ القاعدة هي "بقاء الأمر على ما هو عليه" أو "اليقين لا يغير إلا بيقين مثله"، وهي قواعد كلية في الشريعة، لا يحيد عنها صاحب عقل وعلم[1]، أما أن يُطلق القول على عواهنه بلا ضابطٍ فهذا ليس من شأن العلماء.
قلت (قلت بالنسبة للفرد في ذاته من خلال ارتكابه أقوال وأفعال مكفرة تتلوها اجراء اطلاق الحكم من اقامة بينة واستتابة أما بالنسبة للمجتمع فقد بينت أن لها قواعدها الخاصة أما تلك القواعد عبارة عن استصحاب الحكم السابق للفرد اذا لم نجد حكما يغيره لعدم وجود ظاهر اقوى من ظاهر او يقين يغير اليقين السابق
يقول الكاتب (ولنضرب مثالاً على ما قلنا. هبك خرجت في يوم من الأيام تطلب حاجة لك، فقابلت رجلاً يسير إلى جوارك، فسلم عليك بتحية الإسلام، ثم قال لك "اسمي محمد عبد السميع"، ثم مررتما بمسجدٍ فدخل معك وتوضأ للصلاة، ودفع به المصلون للإمامة، فهل ترى، يا صاحب العقل الشرعيّ الرشيد، أنه لا يصح أن تصلى وراءه، وتتوقف في أمره، لأنه "قد" يكون ممن ينصر الديموقراطية؟ أو ترى أنه كافرٌ بالفعل، لأن الأصل قد انقلب في المجتمع فصار المرء كافراً أصالة إلى أن يثبت العكس؟ وكلا القولين خطأ محض وجهل مركبٌ لا يصدر عن عالم بما يقول، إلا أن يصدر عن طويلب علم رويبضة، أخذ من العلم رشفات، لا تُحي عقلاً ولا تقوّم رأياً، فهي رشفاتٌ موهمة لا مُعلمة.
قلت (هذا ايضا حديث عن فرد معين يكتسب صفة الاسلام لرجوعه إلى الحكم على المجتمع من خلال الأصل في المجتمع الاسلام لا الكفر ولا الوقف فيه وهو كلام صحيح في بابه وهو باب مستور الحال ومجهول الحال أي حكم الفرد من خلال حكم المجتمع لا من خلال الاقوال والافعال التي يعملها اذا كانت مكفرة أو غير مكفرة
ثم يقول ( فالقاعدة الشرعية الكبرى، التي هي قاعدة القواعد في دين الإسلام، كما قال الشاطبيّ[2] أن "العمل بالظاهر". فما ظهر من المرء هو ما يعامل به، إلى أن يأتي ظاهر آخرٌ أقوى من الأول، فيؤول اليه الأمر. وظاهر هذا الرجل الإسلام، لم ترى منه ما يدلّ على غيره، فلا يثبت له إلا عقد الإسلام فإذا انتهى من الصلاة، وإذا به يقوم في المسجد يدعو إلى الانضمام لحزبٍ من الأحزاب، فساعتها تقوم اليه، وتعلمه أنّ هذا الأمر مخالف لحدّ التوحيد، وأنه بذلك يفعل فعلاً مكفراً لا يصح، فإن قال لا والله، فالديموقراطية هي الشورى في الإسلام، وهي محاسبة الحاكم، فقد وقع في فعلٍ مكفرٍ، لكنه ليس في فعل من المقاصد، بل في فعل من الوسائل، إذ ليس قوله كفراً في ذاته، بل هو كفرٌ لأنه يؤول إلى أنّ القائل يقول بأنّ حكم الشعب للشعب هو أفضل من حكم الله للشعب، لكنّ القائل لا يقول بهذا، بل بقول بالأخذ بوسيلة في الحكم، ومآل قوله إلى ذاك القول المُكفّر
قلت (عجيب هذا الكلام ما شان الدخول في العلمانية جاهلا او مسويا بينها وبين الشورى وبين الكفر بالمآل الذي ليس بكفر في الحال ،ثم التقييد بان حكم الشعب افضل من حكم الله باطل فمن سوى او قدم او تحاكم الى شرع غير شرع الله او شرع من دون الله كل هذا لا يحتاج الى اعتقاد الافضلية كما أن الأفضلية لا بد أن تكون من خلال أقوال وأعمال ظاهرة لأن حديثنا عن مناط يتنزل عليه الحكم وهو وصف ظاهر منضبط ،وهل قواعد اصول الدين تكون خفية او ظاهرة لرجوعها الى علم الافراد او عدم علمهم ام انها في ذاتها تكون مسائل خفية او ظاهرة وقواعد أصول الدين ظاهرة بالقطع لا خفية كما وضعها الله العلي الكبير فلا تستمد القواعد ظهورها او عدم ظهورها قطعيتها او عدم قطعيتها إحكامها او غير إحكامها من خلال الافراد انفسهم قد تصدق على فروع الشريعة اما الأصول وخاصة أصل الدين فلا ،يقول شيخ الاسلام بن تيمية - رحمه الله -: وهذا إذا كان في المقالات الخفية، فقد يقال: إنه فيها مخطئ ضال، لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها، لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي يعلم المشركون واليهود والنصارى أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بُعث بها وكفَّر من خالفها، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سواه من النبيين والملائكة وغيرهم، فإن هذا أظهر شرائع الإسلام، ثم تجد كثيرًا من رؤوسهم وقعوا في هذه الأنواع، فكانوا مرتدِّين، وكثير منهم تارة يرتد عن الإسلام ردة صريحة، وتارة يعود إليه مع مرضٍ في قلبه ونفاق، والحكاية عنهم في ذلك مشهورة(11).
يقول الكاتب (والإجماع من قول علماء أهل السنة هو عدم التكفير بمآل القول. فإن قال قائلٌ، فإن البرادعيّ والصباحيّ وأضراهما يقولون لا إله إلا الله، قلنا: هو ظاهرٌ عارضته ظواهر عديدة تدل على الكفر الصريح، فهو ما يصرحون به في كل ساعة من عدم جدوى الشريعة وأنّ الديموقراطية الغربية أفضل منها، بلا مواربة، وهو مدار عملهم ومبدأ أحزابهم. فهذان ظاهران تعارضا، والإسلام والكفر لا يجتمعان، ويكون الحكم هو كفر القائل. هذا خلاف أن النطق بالشهادين لا يثبت به عقد الإسلام، إلا بعد الإختبار، كنا نص العلماء، بل تثبت به عصمة الدم، كما في حديث أسامة بن زيد[3].)
قلت (البرادعي وغيره من الطائفة العلمانية فهو كافر خارج الطائفة أو داخلها لأن كفره بواح فالحديث عنهم في بابه لا نتحدث عن كيفية دخول الناس الاسلام انما الحديث هنا عن حكم طائفة العلمانية وهؤلاء هم رؤوسها ومن ثم وجب تكفيرهم لانهم الداعين اليها الذابين عنها
يقول الكاتب (أما عن الأمر الثاني، فإنه كما قلنا، لا يصح أن يرمى معينٌ بكفر لإحتمال أو شبهة اعترت المجتمع، فإن تكفير المعين، كما أوضحنا في المثال السابق، له ضوابط، منها أن يكون قوله كفراً حالاً لا مآلاً، وأن يكون عالماً بمآل قوله، لا أعنى أن يكون عالماً بأنّ قوله قول كفرٍ، فإنه لا يقصد أحدٌ الكفر أبداً كما قال شيخ الإسلام بن تيمية في الصارم المسلول. وتواضرس عابد الصليب لا يقر على نفسه بكفر، ولا البرادعي ولا الصباحيّ، ولكن أن يكون عالماً بأن مآل قوله أن "حكم الشعب للشعب أفضل من حكم الله للشعب"، فإن عرف ذلك فقد كفر، وإن لم يعرف أن قوله ذلك يجعله كافراً، فهذا هو القدر من الجهل هو الذي لا عذر فيهاما ان ظهر عليه الكفر او ان انضم الى طائفة تدعوا الى العلمانية كافرة يكفر لان ظاهر الاسلام عارضه ظاهر ينقضه او انتسابه لهذه الطائفة وهو ما يحكي عنه.)
قلت (نفس الطريقة الحديث انتقل من حكم الفرد بالتبعية للمجتمع الى حكم الفرد في ذاته بالأصالة ، ان القول بأن النظر الى العلمانية على انها الشورى شبهة تجعل من العلمانية كفر مآل لا كفر حال هو ما لم يقله احد الا اهل البدع والضلالة الذين وظيفتهم تغيير حقائق الاحكام الشرعية ليعطوا شرعية لمن شاءوا في الوقت الذي يريدونه فلا مانع ان يفتوا في وقت بكفر عمل ما وفي وقت آخر يجعلوا هذا العمل من الاسلام فالعلمانية كفر بواح
يقول الكاتب (أما الأمر الثالث، فإن مسألة حقيقة الديموقراطية ليست من المسائل الظاهرة المستفيضة في شعب مصر، الذي ترتفع فيه الأمية إلى 60%. والمسائل الخفية قد تكون في الأمور العقدية أو غيرها. ومن أبرز وأشهر الأمثلة على ما نقول هو حديث "الرجل الذي زر رماد جسده"، وهو ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله إذا مات ، فأحرقوه ثم ذروا نصفه في البر ونصفه في البحر ، فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين . فلما مات الرجل فعلوا به كما أمرهم . فأمر الله البر فجمع ما فيه ، ثم قال : لِمَ فعلت هذا ؟ قال من خشيتك يا رب ، وأنت أعلم .فغفر له". ولقد أشكل هذا الحديث بظاهره على بعض الناس فقالوا : هذا رجل جهل صفة من صفات الله اللازمة لكمال ربوبيته ، ومع هذا فقد غفر الله له ، فيكون قد عذر بجهله! إلا أنّ بن تيمية شيخ الإسلام قد أدرجه في باب المسائل الخفية في مجموعة الرسائل والمسائل. وخلاصة قوله أنّ إدراك الصفة على كمالها لا يقدح في العلم بالموصوف[4]. والشاهد هنا أنّ العلماء اعتبروا مثل هذه المسألة، وهي من مسائل العقائد البحتة، من المسائل الخفية لا الظاهرة، مع أنها، بالنسبة للكثير اليوم، ظاهرة واضحة، وقد غفرها الله لقائلها بلا خلاف. فهل تكون مسألة اشتباه الديموقراطية بالشورى وعدم التمييز بينهما، وهي من مسائل الوسائل لا المقاصد العقدية، من المسائل الخفية التي تكون مانعاً من تكفير قائلها بمجرد القول؟ هذا ما ننصره في هذا الموضع.)
قلت (نقلت كلام شيخ الاسلام في الأقوال الظاهرة والخفية وهذا الكلام من ابطل الباطل لان الاحكام الشرعية لا تستمد حقيقتها من خلال الناس بل تستمد حقيقتها من خلال بيان الله وحقيقة الديمقراطية تعني رفض الوهية الله وحاكميته مطلقا وسلب السلطان في التحليل والتحريم من الله واعطائها للشعب، وهل هناك اظهر من الالوهية والحاكمية والسيادة والسلطان لله في التحليل والتحريم حتى نجعلها من المسائل الخفية اما حديث الرجل الذي امر اهله ان يحرقوه فهو قضية عين لا تعارض القواعد الكلية المحكمة وهي من باب المتشابه الذي ينبغي رده الى المحكم من الاحكام ومن ثم اختلفت اقوال العلماء فيه لرده الى الاصل وهي راجعة للمسائل الخفية لا للمسائل الظاهرة المتعلقة بأصل الدين حتى ولو تعلق بأصل الدين فهو متشابه يفهم في ضوء القواعد الكلية او يطرح لان قضايا الاعيان موهومة ومظنونة ومتوهمة وتحتاج الى دليل يوضحها ولا ينبني عليها عمل ومن ثم تفقد كونها دليلا شرعيا
ثم يقول الكاتب (إنّ الواقع الذي تعيشه بلادنا وتحيا فيه مجتمعاتنا هو بلا شك واقعٌ جاهليّ، ونظمه كافرة بلا خلاف، من حيث أنها ترتضى العلمانية وتتوشح بوشاح الديموقراطية، تفتخر بها، وتدعو اليها. أما عن كفر العاملين في تقوية هذا النظام ودعمه، فهم إمّا من القائلين بحسنه وأفضليته على الشرع، كأمثال البرادعي والصبّاحي وبقية تلك القمامة البشرية من أهل الإعلام الملحد، فهؤلاء كفارٌ بلا خلاف في ذلك. وهؤلاء هم رؤوس الكفر، والداعين إلى جهنم،
قلت (هنا يتحدث عن ان مناط الكفر اعتقاد حسن وافضلية العلمانية على الاسلام ورضاهم عنها والحقيقة ان مناطات الكفر هي أوصاف ظاهرة منضبطة لا تتعلق بالاعتقاد إلا اذا ظهر من خلال الأقوال والأفعال الظاهرة
ثم يقول (وإما هم ممن دخلت عليهم شبه الإرجاء المتطرف من أتباع الإخوان والسلفيين الجدد، أو السلفيين المُبدلين، أو المُتجدّدين، أي الأسماء شئت أن تطلق عليهم، فهؤلاء ضالعون في الديموقراطية والحزبية، وكثير منهم يقول بالمواطنة، فهم، من ثم، يقولون ويفعلون أفعال الكفر ولا شك،لكن حكمهم على قولين، أولهما أنّ هؤلاء لا يكفرون لأنهم يصرحون بأفضلية الشريعة، وأن هذه وسائل توصل إلي التحاكم اليها، ومن ثمّ فتدرأ هذه الشبهة عنهم الكفر، وإن كان فعلهم كفراً، والحدود تدرأ بالشبهات، والردة حكمٌ شرعيّ يترتب عليه حدها، فيقع تحت هذه القاعدة بلا خلاف. والقول الثاني أن هؤلاء يقولون ويفعلون الكفر، عالمين به، وبتعارضه مع أصل الدين، فهم كفارٌ بذلك. والقول الأول أقوى حُجة فيما أرى.)
قلت (يتحدث هنا عن الإخوان والسلفيين وهنا نجد العجب في الخلط بين الاسماء الشرعية والاحكام فكونه ارتكب كفرا يكون كافرا في الاسماء اما في الاحكام فامر له ضوابطه حيث يعرف الشخص ما هو عليه من كفر فان تاب لا شيء عليه وان لم يتب يقتل ردة اما الشبهة فتدرأ عنه الحد في الفروع وليس في الشرك المضاد للتوحيد لا كما قال أنّ هؤلاء لا يكفرون لأنهم يصرحون بأفضلية الشريعة، وأن هذه وسائل توصل إلي التحاكم اليها، فهل من أتى كفرا لا يكفر لأنه يصرح بأفضلية الشريعة فمن المقطوع به من قال او فعل ما هو كفر يكفر في الاسماء أما في الاحكام كما بينت الاستتابة قبل اطلاق الحكم وان الشبهة تدرأ الحدود في فروع الشريعة والقول الثاني كفار وهو يرجح عدم تكفيرهم كما أن الاخوان والسلفية هم من يمثلون النظام العلماني الآن فلا شك في كفرهم
ويقول (أما العامة، الذي وقع عليهم السؤال، فهم ليسوا من هذا النوع ولا قريبٌ منه، بل هم قد وقعوا في شبهة تدرأ التكفير، وقالوا بقول كفرٍ في مسألة خفية، تحتاج إلى تفصيل. )
قلت (تحولت المسائل الظاهرة الى مسائل خفية من اجل الناس وقدبينت طرق الأحكام على الناس وقد ذكر كلاما آخر كتتمة هو تلبيس ايضا لا داعي لذكره فكفى والى الله المشتكى
وجزاكم الله كل خير