دعاوي الاجتماع والافتراق في ظل الحرب على الطائفة (دولة العراق والشام الإسلامية )
التصنيف العام التعقيبات (0) إضافة تعليقدعاوي الاجتماع والافتراق في ظل الحرب على الطائفة
(دولة العراق والشام الإسلامية )
ظهر حديثا الكثير من دعاوي الاجتماع بين الدولة وبين الفصائل الموجودة على أرض الشام بدعوى حسم الافتراق ،وهذه الدعاوي لا تختلف في فحواها عن الدعاوي التي تطالب بالاجتماع عن طريق الطعون التي توجه للدولة حيث تمضي وتشترك معها في الهدف والغاية في عملية هدم الدولة وان كانت النية والقصد حسنا في هذه الدعوات الا أنها دعوات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، فلا بد من النية الحسنة ولكن لا بد من تحقيق القصد الموافق للشريعة ،فكلاهما ينظر الى الدولة على أنها جماعة من الجماعات الموجودة على الساحة ،وفي هذا هدم لبناء دولة اسلامية مكونة من عدة جماعات متفقة في العقيدة والمنهج قامت على أسس شرعية صحيحة وإمامة معتبرة عن طريق اختيار غالب أهل الحل والعقد في الدولة التي بدأت في العراق وانطلقت الى الشام ،وتجتمع هذه الدعاوي على أساس ان الدولة جماعة من الجماعات الموجودة على الساحة ،وهذا الاساس باطل وغير موافق للواقع بل وما بني عليه باطل بين البطلان ،فضلا أن الاجتماع لا يقوم إلا على الفهم الشرعي الصحيح الموافق للجماعة الأولى جماعة الصحابة رضوان الله عليهم جميعا التي تقوم على التميز في الفهم الشرعي والمنهجي خلافا لتلك الرؤى التي تقوم على أفهام متعددة لا يوجد بينها الفهم الشرعي الصحيح فضلا أن منها من يعتنق العلمانية ويسعى الى تحقيقها من خلال قتال الطائفة النصيرية بل مستعد أن يقاتل كل من يقف أمامها في سبيل تحقيق هدفها ودولتها العلمانية ،فهو خروج عن منهج الصحابة وخروج عن واقع شرعي بني بدماء وأشلاء طائفة على الحق قدمت كل شيء من أجل تحقيق دولة الاسلام حتى تكون كلمة الله هي العليا ومن ثم هو مطالبة بخروج جماعة الحق من سوريا كما طالب اخوانهم بخروج الدولة من العراق وهم حرب عليها كإخوانهم في الباطل بل حرب على الحركة الجهادية كلها المتفقة مع الدولة في عقيدتها ومنهجها وأهدافها بل هي طعن على قادة الجهاد كالشيخ الشهيد أسامة بن لادن والشيخ أيمن الظواهري والشيخ الشهيد أبو يحيى الليبي الذين أيدوا قيام الدولة بل هي حرب على الإسلام ، و هذه الرؤى الباطلة يقوم عليها المنهج التجميعي الذي يجمع بين تيارات مختلفة ذات ولاءات مختلفة ذات أفهام مختلفة التي تعني القضاء على الطائفة بالذوبان في تلك التجمعات الباطلة وهذا هو الواقع على الأرض ،ومن ثم كان لا بد من توحد الفهم والولاء والغاية ولن يتحقق ذلك الا من خلال الدخول فيما دخل فيه المسلمون في دولة الاسلام الحق ،فلا يدور الحق حول الباطل بل يدور الباطل اذا اراد الهدى حول الحق ، وعلى افتراض انه ولاء واحد لا يجوز هدم الدولة من أجل الاجتماع مع تلك الجماعات على أنها جماعة إذ لو صح القصد لاجتمعت هذه الجماعات مع الدولة ودخلت في الجماعة ، ومن ثم لو طردنا هذه القاعدة في الاجتماع للزم الدولة في دخولها في اي بلد آخر أن تذوب مع الجماعات الموجودة على أرض تلك البلد أيا كان وضعهم ثم تتكون دولة جديدة ونختار لها امام قرشي جديد من خلال اهل الحل والعقد في كلا البلدين أو في تلك البلد ،وكذلك اذا دخلوا دولة أخرى ومن ثم يكون للعراق امام قرشي وللشام امام قرشي ولغيرها من البلدان امام آخر وهو مخالف ومعارض لمقتضى القواعد الشرعية التي تدعوا الى الوحدة والاعتصام بالكتاب والسنة من خلال امام واحد ومن ثم فهي دعاوي تمثل تجسيدا واقعيا للفتنة، واذا كان الخلل يحيط بها واقعا ومستقبلا لو عممنا او طردنا هذه القواعد الباطلة التي تتعارض مع قواعد الشرع ،فلا يبقى لنا في النهاية الا اننا هدمنا البناء الوحيد وهو الدولة القائمة على الاجتماع من خلال جماعات شتى تكونت منها الدولة في العراق متفقة في الفهم والمنهج وخاضت بحارا من الابتلاءات ومضت في واقع يحيط بها من كل جانب أعاصير العداوات وفيها الاجتماع على التوحيد واقعا وكذلك يوجد الامام القرشي واقعا ،ومن ثم نجد انفسنا من خلال هذه الولاءات المختلفة من حيث ننشد الاجتماع نقع في الفرقة ومن حيث ننشد البناء نقع في الهدم ومن حيث البقاء نقع في الطرد ومن حيث نريد حفظ مكتسبات الجهاد نقع في التبديد ومن حيث نريد حكم الحق نقع في حكم الباطل وذلك من ناحية جهلنا بالقواعد الشرعية والبناء على غير اساس صحيح ،ومن ثم طرده وتعميمه يؤدي الى الفساد في الأرض وسرقة مكتسبات الجهاد وعدم حصول التمكين لا الى الاصلاح بل يؤدي أيضا الى تكذيب أو رد النصوص الشرعية ،ومن هنا تكون النتيجة هدم المشروع الاسلامي الحقيقي واحياء واستمرار المشروع الصليبي الجاهلي ، فكيف ننظر الى جنود الدولة على أنهم فصيل من الفصائل المتفارقة المفارقة للجماعة ،يجب ان تذوب مع الجميع في تنظيم واحد قائم على الكفر بالطاغوت وتوحيد الله والولاء لله والتبرؤ من كل ولاء آخر سواه سواء ولاء للغرب او لدول الخليج أوغيرها ،وكل هذا واقع متحقق في الدولة في ظل العواصف والامواج العاتية والاعاصير من الابتلاءات ولم تتزحزح الدولة قيد أنملة بفضل الله عن ثباتها على عقيدتها وعلى منهجها ،ومن هنا يكون البناء على أصل ثابت وقاعدة صلبة تلك التي قام عليها البناء وذلك مثل البناء الذي قامت عليه جماعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ثم تستلزم هذه القواعد الباطلة أن نشرع في كل دولة في هدم هذا البناء ثم نحاول اعادة انتاجه على الواقع مرة أخرى ،فاذا كان الواقع يثبت خيانة البعض من تلك الجماعات قبل هذا المشروع والواقع في العراق أثبت خيانتها بعد الدعوة للدخول في مشروع الدولة فكيف يكون هذا المشروع للبناء لا لهدم الدولة ، فاذا كان البعض ممن انضم الى الدولة في العراق كان وسيلة هدم لا وسيلة بناء بالرغم من قتاله مع الطائفة ثم انقلب عليها، ومن هنا ليست كل الجماعات ولا الاجتماعات الشكلية هي التي تقيم البناء الصحيح بل البناء من خلال التمحيص والتمييز ومن خلال الابتلاءات المختلفة، وكذلك الدعوى لاختيار امام قرشي عندما نقارن بين الكلام وبين الواقع فيجب ان نعلم جيدا ان الامام القرشي موجود في الدولة ومن ثم طرد هذه القاعدة يؤدي بنا الى ان نختار في كل بلد اماما قرشيا وهذا فيه ما فيه من الفرقة والانقسام او من يقول ان اهل البلد أولى بحكم بلدانهم هذه قاعدة باطلة فما نعرفه في الحكم الاسلامي انه بعد اختيار الامام يكون له الحق في تعيين عماله لا انه مطالب في كل بلد ان يعين من هو من اهلها أو أن يستقلوا بتولية امام لهم ،بل الضابط الذي يضبط الحاكم في اختياره هو المصلحة الشرعية ومن أولى الناس بتحقيقها سواء كان من اهل البلد او من غيرها ،كما أن من يقاتل في الشام هي جنود الدولة وكان لها أميرها هو الجولاني ،ثم لا شك جرى استبداله بعد خروجه وانشقاقه اي ان الدولة لها مجلس شورى وامام وانها على الحق ولها الحق في اختيار عمالها فما الداعي لجعلها جماعة او تنظيم حتى تخرج عن مسمى الدولة الشرعي فيسلبها حقوقها الشرعية ، فقاعدة الولاء هي لا اله الا الله ومنها تستمد كل الأقوال والافعال شرعيتها وكل العلائق الاخرى لا تتقدم عليها ،فالحاكم اذا كان من العراق او من الشام او غيرهما فعلينا السمع والطاعة له طالما انه مسلم وأن هذه هي الجماعة الحق، اما من خرج عن معنى الجماعة فلا سمع له ولا طاعة ». وفي الحديث عن أبو بكر بن نافع ومحمد بن بشار حدثنا شعبة عن زياد بن علاقة سمعت عرفجة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إنه ستكون هناتٌ وهناتٌ فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنًا من كان».
وفي رواية أخرى: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه».
ومن قوله صلى الله عليه وسلم : «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما»، كل ذلك من الصحيح.
ومن قوله صلى الله عليه وسلم : «المسلمون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم يرد مشدهم على مضعفهم ومتسريهم على قاعدهم لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده».
ومن قوله صلى الله عليه وسلم : «دعوها فإنها منتنة»، وقوله صلى الله عليه وسلم «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم»
ومن قوله صلى الله عليه وسلم : «ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية »
جاء في صحيح البخاري باب ”كيف الأمر إذا لم تكن جماعة“:
حدثنا محمد بن المثنى حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا ابن جابر ـ في مسلم عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ـ حدثني بُسر بن عبيد الله الحضرمي أنه سمع أبا إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله r عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: «نعم»، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير قال: «نعم وفيه دخن» قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر» قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر قال: «نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها» قلت: يا رسول الله صفهم لنا قال: «هم من جلدتنا( ويتكلمون بألسنتنا» قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك»
أما إذا لم يبق في الأرض خليفة, وهذا هو الذي ترجم له مفسروا الحديث: (كيف يكون الأمر إذا لم يكن خليفة)، فقد خلا السبيل ممن يقوم عليه، بعدل وسنة أو بدعة وجور, ولم و تفرقوا عن السبيل إلى سبل أخرى, وخلا هو ممن يقوم عليه, فلم يبق في الأرض خليفة سني أو بدعي، عادل أو جائر، كما ترجم له المفسرون، وتكون الفرق هنا لها معنى محدد هو الكفر , فبدلًا من التآلف على الإسلام والتجمع على الشريعة, يكون الولاء للأرض أو للعرق, وبالقانون يمنع الناس من رد الأمر للشريعة ويلغي اعتبارها, ويمنع الناس من التحاكم إليها فصلًا بين الدين والدولة, فلا يبقى انتساب إلى الشريعة ولا ولاء للإسلام, فلا يوجـد في إحدى هذه الفرق صفة الجماعة المسلمة والإمام الملزم بالطاعة حتى مع الجور والبدعة بل هي ـ أي هذه الفرق ـ صرحت أنها تقوم على غير ذلك, وأن هذا أمر قد مضى بعدله وسنته أو جوره وبدعته.
وهذا هو ما يدل عليه حديث حذيفة، والفرق هنا تدخل تحت الآيات والأحاديث الدالة على التكفير, لأن هذا هو التفرق المطلق ،ومن ثم يتأكد لنا مع وجود إمام للمسلمين وجماعة المسلمين وجب الاجتماع معهم وأن أي حديث آخر هو قلب للأمور وللحقائق الشرعية وهو باطل بأدلة الكتاب والسنة .
وجزاكم الله كل خير