الانحراف بين مدرسة الشهيد سيد قطب والشهيد أسامة بن لادن
لا نتحدث هنا عن حركات تنتسب الى الاسلام والعمل الاسلامي وتعطي الشرعية للعلمانية ،وتمضي في طريقها الى العمل داخل المنظومة العلمانية تستمد شرعيتها من خلالها ،وتعمل على تدعيمها ولا تخرج عليها الا بما يسمح لها النظام نفسه ،ومن ثم وصلت الى أن تكون على رأس العلمانية كعلمانية بديلة ،بل نتحدث عن مرحلتين من مراحل الطائفة الظاهرة وكيف وصلت الى العلمانية في فترة محدودة من الزمن في عصر تسارع فيه كل شيء ،والتي تمثلت في مدرستين كل مدرسة منهما تمثل نقطة ارتكاز وانطلاقة للعمل الاسلامي في أبهى صوره ومعانيه من كتاب يهدي وسيف ينصر الذي يتقدمه المفهوم الصحيح يوجه خطواته نحو تحقيق الدولة المسلمة ، فتمثلت في كلتاهما الجماعة الاولى جماعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي جسدها الشهيد سيد في معالمه و طبقها على الارض من خلال جماعة تسعى لتطبيق شرع الله ولتحقيق الدولة ،كما سعى الشهيد أسامة الى الدولة وتطبيق شرع الله من خلال جماعته بشكل أوسع ،فكانت كلتا هما منارة على الطريق حجة على المخالف مراغمة للكفر العالمي والكفر القابع في دول العالم الاسلامي بكل صوره وأشكاله ومع توضيح الطريق والمنهج من خلال الشهيد سيد قطب لأتباعه قبل استشهاده ان الغرض هو الوصول الى الدولة لا مجرد جماعة من الجماعات تدعوا الى العقيدة لن تتحقق الدولة من خلالها ،الا ان من مضت خلفه غيرت وبدلت واكتفت بأن تكون مجرد جماعة تدعوا الى العقيدة من خلال منهج سلمي ، مع ما طرأ على العقيدة من التأويل لكل ما يصدر من الجماعات التي تنتسب للإسلام من شرك ومناصرة للطواغيت وعدم تحكيم شرع الله بإعطائها الشرعية ،ونتيجة خروجها عن المنهج ظلت تدعوا الى التوحيد سنينا ، ولم تحقق شيئا على ارض الواقع ، فلا الدولة تحققت ولا على الجماعة حافظت ،بالرغم من أن كتاب حد الاسلام الذي كتبه الشيخ عبد المجيد الشاذلي وكتابات الشيخ محمد قطب والتي كانت كلها تصب في الرد على الاخوان ومن ثم انتهى بها الحال الى الدخول مع الاخوان وتدعيمهم في الطريق الى الحكم العلماني ،فادخلها الانحراف في العلمانية الملبسة وتحرير محل النزاع بين الحركات التي تنتسب الى الاسلام ووالت العلمانية وبين ما استحدث من فهم على حركة الشيخ سيد والشيخ أسامة هو اعتبار الطرف الأول أن النظم العلمانية مسلمة للجهل والتأويل الى غير ذلك من الموانع والثانية تعتبر كفر النظم كفر عناد ، ومن ثم كان اسلام الأولى لها وتكفير الثانية لها ، و لما تم استبدال العلمانية بتلك الحركات كان الجهل والتأويل يمثل جامعا مشتركا بينهم فكان الاعذار لهم مما يرتكبونه من الشرك فاستمدوا الشرعية من خلال الجهل والتأويل لا من خلال العمل بالإسلام ، والنفي المجرد لا حقيقة له والنفي المقترن بالحقيقة هو المعتبر والقائم ل على الحفاظ على حقيقة الاسلام من خلال الحصر والقصر على تلك الحقيقة ،فلا يخرج من حقيقتها شيء ولا يدخل إليها شيء من غير حقيقتها ،فلم يكن النفي لغرض نفي حقيقة الاسلام بل كان للحفاظ عليها من خلال نفي الكفر والشرك الذي يؤثر على تلك الحقيقة الهادم لها ،ومن هنا استخدمت الموانع التي وضعوها في غير محلها في جعل وظيفة النفي كوسيلة للحفاظ على الحد الشرعي للإسلام إلى اعطاء الشرك الشرعية حتى وصلوا الى جواز التعامل مع الحركات المرتدة او النظم العلمانية والتعامل مع الكفر الاصلي تحت ما يسمى بتقاطع المصالح
فحركة الشيخ أسامة التي ورثت ما كانت عليه الانطلاقة الجهادية في جبال الهندكوش والانطلاقة في شتى انحاء العالم الاسلامي التي كانت مستمدة من نقطة الارتكاز حركة الشيخ سيد فكانت الوعاء الذي صبت فيه خبرات الحركات السابقة ، ومن ثم كان وجود تنظيم القاعدة الذي انطلق الى ممارسة حربا عالمية ضد الكفر العالمي ،وحربا اقليمية من خلال فروع القاعدة في العالم الاسلامي ،ومن ثم كان الجهاد ضد النظام العالمي والعلماني قائم على قدم وساق
ومع الثورات واستشهاد الشيخ اسامة وجدنا تحولا في الفهم والمنهج على يد الشيخ أيمن بالرغم من كتابه الحصاد المر الذي كان موجها لبيان انحراف فكر الاخوان ،ومع التأويل والجهل في العقيدة تم تبرير الشرك وعدم تطبيق شرع الله والدخول في النظام العلماني ،واعتبار هذه الحركات مسلمة وجزءا من المشروع الاسلامي ،وهذا الانحراف في الفهم مع الثورات ادى الى الدخول في العلمانية الملبسة ومن ثم تغير المنهج الجهادي الى منهج سلمي ومن هنا بالرغم من الاختلاف بين أتباع الشيخ سيد والشيخ أسامة في المنهج الا انهما اتفقا في الانحراف في المفهوم وفي المنهج السلمي أخيرا وهو منهج الشيخ أيمن قبل دخوله الى القاعدة إلا إنه كان متبعا للشيخ أسامة في المنهج الصحيح وان ظهرت هنات منه توافق فهمه في بعض الاوقات ،الا انها سقطات لم تكن تؤثر على المنهج العام ومن ثم وصل بهم الحال الى الدخول في النظام العلماني الجديد
ومن ثم ليس عجيبا اظهار العداء لها من أتباع الشيخ سيد التي تمثلت في الدعوة للقضاء على مجاهدي سيناء مع دعوة حماس للقضاء على ما تحت يدها من جماعات جهادية ، و وجدنا الحملات التي تشن ضد الدولة وخاصة في الشام من الشيخ أيمن وأتباعه ، وقد دخل فيها رموز كلا الطرفين كطارق عبد الحليم والسباعي وأبو محمد المقدسي والقنيبي وأبو قتادة فضلا عن الكثير من الرموز المناصرين لهذا التوجه من كلا الطرفين ،فمضوا في الطريق المضاد للطريق الذي كان مفروضا ان يمضوا فيه لتحقيق الدولة والاسلام الى أن يكونوا جزءا من المشروع العلماني الذي يعتبر جزءا من النظام العالمي لتحقيق المشروع العلماني
ومن ثم فالتراث الذي تركه كلا من الشيخ سيد والشيخ اسامة قد ورثته الدولة والميراث الذي تركته الاخوان قد ورثته القاعدة مع الشيخ الظواهري كما ورثته حركة الشيخ سيد مع الشيخ عبد المجيد الشاذلي والشيخ محمد قطب ومن هنا فقد انتهت كلتا الحركتين الى نتيجة واحدة وهي كونهما جزءا من العلمانية حربا على أهل الحق
ومن ثم لا عجب ان نجد ان العداوة باتت ضد الدولة على أوسع مستوى وصلت اليه من قبل فالعداوة تمثلت فيمن يمثل القاعدة من رموز وكذلك الحركات التي تنتمي الى الاسلام ورموزها والنظم العلمانية ورموزها والنظام العالمي ورموزه كلها تمثل هذه العداوة في حرب من خلال البيان استخدمت فيها كل الوسائل وحرب على الارض من شتى الفصائل ومن ورائها النظم العلمانية وكذلك النظام العالمي
فقد كان كلا الطرفين يرى ان هذه النظم العلمانية نظم كافرة بيقين ولكنهما مع ذلك اشتركوا في اعطاء الشرعية لتلك الحركات التي تعمل بالعلمانية ، ومع صعود هذه الحركات الى حكم العلمانية كان التشجيع والمشاركة في تأييدها من دخول مجالس تشريعية الى انتخابات رئاسة الجمهورية ،فذابت في الحركة العلمانية الجديدة مما جعل التخلي عن المنهج الجهادي وعن العقيدة ومن ثم الاتفاق بينهما في الدخول في النظام العلماني ، فلاحظنا كيف انتقلت القاعدة من مجاهد مراغم للنظام العالمي لتحقيق دين الله في الارض الى جزء من النظام العلماني الجديد هذه الحركة العكسية التي تمثل انتكاسة في العقيدة والمنهج فكان لا بد من نقطة جديدة تمثل الانطلاقة الصحيحة معبرة عن الاسلام وقضاياه أصدق تعبير مراغمة مجاهدة للأعداء لتحقيق دين الله في الارض فكانت دولة العراق والشام الاسلامية
ومن هنا ليس عجيبا ان نجد كلا التيارات تحاربها وتقف منها موقف المحارب والرموز التي تمثل كل الاتجاهات تمثل حرب الاسلام والكيد له بحرب الدولة والكيد لها وتلفيق التهم والذي ظهر جليا في الشام ضد الدولة التي تمثل العقيدة الصحيحة والمنهج الصحيح ، ومن هنا من ادرك الامر على حقيقته من فروع القاعدة سعى الى النجاة والالتحاق بركب الدولة ،اما من ارتضى هذا الامر ومضى خلفه فقد وضع نفسه في خندق الاعداء بلا شك وصار حربا على المؤمنين للقضاء على نقطة الارتكاز الموجودة في العراق والشام ،وقد وصل الأمر الى المضي في تحقيق أهداف النصيرية والنظام العالمي ومحاولة قطع طرق الاتصال بين الدولة في العراق والشام وذلك لخدمة التوجه الشيعي في العراق في ظل تقاطع المصالح التي تمثل دينا جديدا مثل الحاضنة الشعبية التي أصبحت هي الاصل والطائفة الظاهرة هي الفرع يجب ان تدور حولها لا ان تدور الحاضنة حول الطائفة وكذلك المصالح والمفاسد التي أصبحت دينا جديدا يجب أن يفسر الدين من خلاله فأجازوا الشرك وحرب الاسلام ،ومن ثم انتقلت الراية الى دولة العراق والشام الاسلامية فمن تشبث بما كان عليه فقد حاربها والتقى مع اعدائها ومن فضل الدخول معها فقد دار مع الحق حيث يدور لتحقيق الاسلام حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله
وجزاكم الله كل خير