طارق والسباعي في ميزان الولاء
رد على د/طارق عبدالحليم والسباعي في رفع الشبهات في الولاء
زعم كلاهما انهما العالمان والباقي نمل او فسيلة لا ينظر اليها ،ولا تأتي البدع إلا من حسن الظن بنفسه واعتبرها من العلماء وهو ليس كذلك ،أو ظن الناس به انه من العلماء وهو ليس كذلك ومن هنا تستفتى الرؤوس الجهال فيحدث الفساد في الأرض وتعم البلوى ، فلننظر في واقعهما لنرى هل صدقا ام كذبا في دعواهما العلم ،فليس بجديد عليهما هذا
فكلاهما يدعي الولاء ، وينفون اي صلة تربطهم بالطائفة الظاهرة اي الجماعة أو أي فصيل آخر وأنهم على الحياد ، وفي الوقت نفسه يتحدثون عن قضايا احياء الأمة، من خلال اسلام مقطوع الولاء بالطائفة المسلمة أو أي جماعة لا يدور حول الحق أي الطائفة الظاهرة فيكون صحيحا أو يدور حول الفرق المخالفة فيكون باطلا أو يدور الفرد حول نفسه من خلال اسلامه وهو يعبر عن اسلام فردي لا يشارك لا في تحقيق الاسلام ولا مشروع الاسلام ومن ثم دعوى النظرة المتساوية مع الجميع باطلة لأنها تعبر عن تلفيق عقيدي يجمع بين الموافق والمخالف بين الكافر والمسلم بين الضال والمهتدي وهي التي يقوم عليها المنهج التجميعي الباطل الذي جعل الحاضنة الشعبية مقدمة على تطبيق حكم الله ، مع دعواهم التعاطف مع الدولة لكثرة التعرض لها واتهامها وسبها، ثم ما يطرحونه يكون موافقا للطوائف التي تحارب الدولة يقول أحد المستشرقين الذي هزت كلماته الشهيد سيد قطب من فهمه للإسلام الحق فيقول (لا يتصور ان يوجد شخص واحد شيوعي في اي مكان في العالم الا وينتمي الى الحزب الشيوعي ،كذلك لا يتصور ان يكون هناك مسلم واحد في أي مكان في العالم الا وينتمي الى الجماعة المسلمة ) فقهٌ من فقهٌ وعلمهٌ من علمهٌ وتخلف عنه من تخلف هذا هو الركب وهذا هو الطريق ومن ثم الهجرة والبيعات من شتى انحاء العالم الى الدولة في الشام كما كانت الهجرة من مكة الى المدينة هجرة تجسد الولاء في ظل صراع عالمي ، اما من يتحدث عن الحياد وهو ليس بولاء ولا نصرة وينصر الفرق المرتدة على الطائفة في نفس الوقت أي حياد هذا ،فهل فقهوا ما قاله المستشرق الموافق للقرآن ،وقد بينت من قبل ان الاصل في الولاء الكفر الناقل عن الملة ،وهو حكم القرآن وهو المعنى الشرعي المقدم على ما سواه ،الذي لا ننتقل منه الى ما سواه إلا بقرينة شرعية ،لا كما يقول من قبل الأصل في الولاء التحريم أما في هذه المرة جعل المعنى الشرعي المقدم على ما سواه ولكنه هدمه بإضافة قيد على الولاء لا يتقيد به وهو بغض وعداوة الدين وهو أمر باطن وذلك ليخرجه عن حقيقته الشرعية وليسوي بينه وبين المعصية من وجه آخر ،فاذا خرج من باب باطل ليهدم الحقائق الشرعية دخل من باب باطل آخر للتسوية بين أحكام الكفر الأكبر والأصغر
يقول د/طارق (المسائل العقدية بعامة، والولاء والبراء منها، لها حدان، حدّها الأعلى، هو الذي يفصل بين الإسلام والكفر، وحدها الأدنى هو الذي يفصل بين السنة والبدعة. ومن جعلها أحادية بحدٍ واحد، خرج إلى البدعة بلا بد. وهذا يكون عادة من فعل الجهلة والرويبضات، إذ يصعب على غير طالب العلم الصحيح، أو العالم أن يتتبع هذه الأوجه، ويرى هذا التفصيل فيلجأ عقله الصغير على إنزال كلّ الصور والمناطات منزلاً واحداً، تبسيطا وتسهيلاً وجهلاً وابتداعاً.)
قلت (لا شك أن التوحيد ضده الشرك والطاعة ضدها المعصية والسنة تقابلها البدعة، والشرك الأصغر يدخل في المعصية فهو كفر دون كفر او شرك دون شرك الى غير ذلك)
ثم يقول (وقبل أن نبدأ الحديث، نود أن نقرر نظراً أصولياً هنا، نردّ به عقل الناظر إلى حكمة في فهم الخطاب القرآنيّ. ذلك أن القرآن لا يأتي إلا بالغايات في الأحكام، أي يأتي بالتنبيه على أقصى الدرجات في الغايات، الكفر الأكبر والإيمان التام......... ومحصلة هذا، أنّ ما يرد في القرآن من أوصاف للكافرين، فهو على حدّه الأعلى، أي يصف به الكفر الأكبر، حكما وولاء ونسكاً. أما الحدّ الأدنى، أو الأصغر فيها، فتأتي به السنة المطهرة، تبياناّ للقرآن......... فكما أنّ الكفر أكبر وأصفر، فصوره الواقعة في التوحيد هي بالتالي كبرى وصغرى. ففي التحاكم أكبر وأصغر، فالولاء أكبر وأصغر، وكذلك في النسك، شرك أكبر وأصغر)
قلت (فالتوحيد له صورتان وهي أقل مما ينطبق به الاسم على مسماه والثانية أقصى مما يتسع له الاسم على مسماه ، وعندما نتحدث عن المعنى الشرعي كما جاء في القرآن فنجدة في أقل مما ينطبق به الاسم على مسماه وهو التوحيد ضد الشرك الأكبر وهو الحكم الغائي والثاني اقصى مما يتسع له الاسم على مسماه ويضم كل من التوحيد وما أضيف اليه من كمالات التوحيد ،وكذلك ترك الشرك الأكبر وهو الغائي وما يناقض كمال التوحيد من الشرك الأصغر والأول هو مناط بيان القرآن والثاني مناط بيان السنة..... ومن ثم كان الحديث عن الولاء المطلق والولاء المقيد والشرك الأكبر والشرك الأصغر الى غير ذلك من انواع التوحيد )
ثم يقول (وغير ذلك عشرات من الآيات التي تجعل الولاء المطلق للكفار كفراً أكبر ينقل عن الملّة. وهذه الصورة هي التي تظهر في ولاء المناصرة والمظاهرة، خاصة في القتال، بين مسلم إسلاما ظاهراً وبين كافر، ضد مسلم آخر عداءً للإسلام، وكرهاً للدين ولأهله.
فإن قيل: لكنّ عداء الإسلام وكره الدين وأهله، هو في ذاته كفرٌ، فلا يحتاج إلى فعل آخر كالولاء لتكفير المسلم، ويكون من عادى الإسلام وكره الدين وأهله كافراً بذلك ابتداءً، فما لزوم وضع القيد وصورة الولاء؟
قلنا، لأن عداء الإسلام وكره الدين وأهله، أمرٌ باطن لا يمكن الاستدلال عليه يقينا إلا بفعل، هذا مذهب أهل السنة والجماعة. ففعل الولاء في صورته الكبرى، دون أيّ قرينة محتفية بهذا الفعل تدرأ تأويله بالكفر الأكبر، هو كفرٌ أكبر لا شك فيه. والولاء، كما ذكرنا، أمر له وجهان، وجه ظاهر، وهو عمل يمكن أن نشهد به على الفاعل، وهو الأضعف في حالة الولاء، ووجهُ باطن وهو انعكاس هذا الفعل على إيمان الفاعل وهو الأقوى والأهم. لهذا وجدنا حادثة حاطب تبين لنا الحدود التي يمكن أن يكفر بها فاعل الولاء، ومناطه المكفر. يظهر من هذا التالي:• أنّ التكييف الشرعيّ الأصلي لفعل حاطب رضى الله عنه، هو الكفر، وهو ما شهد به حاطبٌ نفسه حين أقرّ أن ظاهر الفعل كفر ذلك في قوله "وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا".• أنّ الدلالة التي دلت على أن هذا الولاء كفر هي مكاتبة العدو وكشف اسرار المسلمين، وفيها معنى المناصرة.
• أنّ وجود قرينة أو قرائن قوية احتفت بالفعل، تغيّر من تكييفه[3]، وهو باب هامٌ من أبواب أصول النظر والاستدلال، يجب على الناظر التبحر فيه قبل التجرؤ على الفتوى.
• أنّ شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم له، وأنه شهد بدرا، هي قرينة أخرى اعتبرت في الحكم. مطلق الولاء، أو الولاء الأصغر
وهو ولاء المعصية، فإنّ ذلك الولاء لا يكون في المناصرة التي هي من قبيل الخيانة للإسلام عامة، بل تكون في بعض صور تفضيل المخالف في العقيدة على المسلم، مع تساويهما في الإمكانات، أو المصادقة والمخاللة كما نرى في كثير من الحالات ما يقوم بين عائلاتٍ مسلمة ونصرانية، ويعلن المسلم أنه يحب هذا أو المسلمة أنها تودّ هذه.
كذلك، وهي الصور الأهم، ما قد يشتبه بالولاء المكفر، من تعاون مسلم ومشرك في حرب على عدوٍ مشتركٍ كافر، متفق على كفره، ، أو على مسلمٍ باغٍ متفق على بغيه. ولذلك صور شتى. فلا شكّ أنّ التعاون بين طائفة مسلمة وأخرى مرتدة، لقتال طائفة مسلمة أخرى، عملٌ باطلٌ وحرامٌ شرعاً، ومن الحرام ما هو كفرٌ ومنه ما هو دون ذلك. وهو صورة من صور الولاء، لكن يجب تحديد إن كان من الولاء المطلق المكفّر أو من مطلق الولاء، حسب صورته ومناطه. والنظر في هذا ينقسم إلى نقاط عدة:)
قلت ( لقد أتى طارق بما طم به الوادي على القرى
أولا :لم يقر سيدنا حاطب بالكفر بل نفى الكفر عنه كما أن حسنة بدر ليس لها أي دخل بعدم تكوين المناط المكفر
ثانيا :عداء الإسلام وكره الدين وأهله هو كفر في ذاته وكونه أمرٌ باطن لا يمكن الاستدلال به يقينا لأن البواعث التي تدفع الى فعل الكفر كثيرة من حب وخوف وحقد وحسد فلما التخصيص بعداوة وكره الدين ومن ثم التكييف الشرعي للفعل يتحقق من خلال الأمور الظاهرة فقط لا عبرة للاعتقاد او للباطن في ذلك ولا شك ان هذا كفرا أضافوه الى كفرهم ولكن لا شأن له بالتكييف الشرعي للفعل
ثانيا : أن هناك فرقا بين أحكام الدنيا والآخرة فأحكام الدنيا مبنية على الظاهر والأحكام في الآخرة مبنية على الباطن يقول الشاطبي : - فمن التفت إلي المسببات من حيث كانت علامة علي الأسباب في الصحة أو الفساد لا من جهة أخري فقد حصل علي قانون عظيم يضبط به جريان الأسباب علي وزان ما شرع أو علي خلاف ذلك 0ومن هنا جعلت الأعمال الظاهرة في الشرع دليلا علي ما في الباطن فإن كان الظاهر منخرما حكم علي الباطن بذلك أو مستقيما حكم علي الباطن بذلك أيضا وهو أصل عام في الفقه وسائر الأحكام العاديات والتجريبيات بل الالتفات إليها من هذا الوجه نافع في جملة الشريعة جدا والأدلة علي صحته كثيرة جدا وكفي بذلك عمدة أنه الحاكم بأيمان المؤمن وكفر الكافر وطاعة المطيع وعصيان العاصي وعدالة العدل وجرحة المجرح وبذلك تنعقد العقود وترتبط المواثيق إلي غير ذلك من الأمور بل هو كلية التشريع وعمدة التكليف بالنسبة إلي إقامة حدود الشعائر الإسلامية الخاصة والعامة )
ثالثا :الاستدلال بقضية عين وهي قضية سيدنا حاطب بن أبي بلتعة على هدم القواعد القطعية وترك القواعد الكلية فهل فعلة سيدنا حاطب هي الأصل الذي ننطلق منه أم أن الكليات محكمات الشريعة هي التي نأخذ منها في الحكم ولا شك ان الجزئية ظنية والكلية قطعية وتقديم الجزئي على الكلي والمتشابه على المحكم من شأن أهل البدع وهو خلاف مذهب السلف في الاستدلال ومن ثم ففعلة حاطب تفهم في ضوء محكمات الشريعة
رابعا جعل الباطن هو العامل المؤثر في تحديد الولاء المكفر هو مصيبة ومخالفة لأهل السنة والجماعة في عدم تقيد الظاهر بالباطن في الاحكام لان الباطن من السرائر المحجوبة وليس لنا الا الظاهر كما أن الولاء قد يكون لأسباب كثيرة منها الحقد والحسد الى غير ذلك من البواعث وكلها أمر باطن اما المناط فهو وصف ظاهر منضبط ولا يمكن انضباط الظاهر بما لا ينضبط ولا علم لنا به وهو الباطن
خامسا :بيان السلف ان المناط وصف ظاهر منضبط فكيف لا يكون منضبطا الا بالتقيد بالباطن والباطن غير منضبط ،ان هذا المسلك حقيقته هو اهدار لإحكام الولاء والحكم والنسك وهو خلاف المقطوع به ،كما ان الرسول صلى الله عليه وسلم حكم على حاطب بظاهره لا بباطنه ،كما ان حسنة بدر لا تدرأ الكفر فلا يدرأ الكفر الا التوبة ،انما تدرأ حسنة بدر المعصية ،ولو كانت تدرأ الكفر لدرأت الكفر عن سيدنا قدامة بن مظعون وهو بدري عندما استحل الخمر بتأويل غير معتبر واستتابه سيدنا عمر رضي الله عنه فتاب
كما أن فعلة سيدنا حاطب تتبين من خلال فعلة أصحاب مسجد الضرار
(فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حاطب فأتاه فقال : هل تعرف الكتاب قال : نعم قال : فما حملك على ما صنعت فقال : يا رسول الله والله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ولا أحببتهم منذ فارقتهم ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله بمكة من يمنع عشيرته وكنت غريبا فيهم وكان أهلي بين ظهرانيهم فخشيت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يدا وقد علمت أن الله ينزل بهم بأسه وأن كتابي لا يغني عنهم شيئا فصدقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعذره ). فسيدنا حاطب رضي الله عنه رأي أنه يمكن أن يفيد من أمر لن يضر المسلمين بل كتب للكفار بذلك قائلًا: إنه لو قاتلكم وحده لانتصر عليكم فإن الله وعده بالنصر وهو لابد لاقيه، ومع ذلك فقد جاءكم بما لا قبل لكم به فسارعوا إلي الإسلام. سقطة في لحظة ضعف افتقد فيها التوكل ووقع في سوء التأويل. ولكن لم يذهب به القصد إلي المظاهرة لتغليبهم علي المسلمين أو دلهم علي عورات المسلمين ومقاتلهم التي لا نجاة للمسلمين منها ، وقد تبين الرسول - صلي الله عليه وسلم - قصده وهو القصد الظاهر وقال إنه قد صدق فهو لم يتركه مع وقوع فعل الموالاة منه لأن باطنه كان مخالفا إنما تبين له صدقه من خلال الظاهر فخرج فعله عن وصف موالاة الكافرين إلي مجرد وصف خيانة سر الرسول - صلي الله عليه وسلم – وهذه معصية لها عقوبتها التي درأها عنه كونه بدريا0والاجماع منعقد على أنها معصية
أما أصحاب مسجد الضرار فقد حكي الله عنهم( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَينَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَي وَاللَّهُ يشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )(107)
فقد ذكر الله عنهم قبل فعلة الكفر الضرار أي الإضرار وأفعالهم كان واضحا منها القصد إلي الإضرار من خلال العمل الظاهر من بناء مسجد وارسال المكاتيب والمراسيل بينهم وبين أبي عامر الفاسق حيث قد وعدهم بجيش يأتي به ليقاتل رسول الله صلي الله عليه وسلم ويقضي علي الإسلام فأقاموا المسجد وصلوا فيه لتلقي الكتب والمراسيل
فالفرق بين الفعلين واضح وذلك في العمل الظاهر لا في الباطن والاعتقاد ، ففعل سيدنا حاطب لم يكن فيه القصد إلي الإضرار أما اصحاب المسجد فالقصد إلي الإضرار كان واضحا مع عقد العزم عليه من خلال الأفعال الظاهرة من بناء المسجد ومكاتبات واتصالات إلي أخره 0 وهذا الفعل قد يتمثل في افشاء بعض أسرار المسلمين مع عدم القصد إلي الإضرار عن طريق الانزلاق في حديث ، او اعطاء بعض المعلومات في ظنه أنهم يعرفونها وأنهم لن يستفيدوا منها شيئا
فالولاء يتمثل في وصف ظاهر منضبط يتمثل في صور متعددة كما أتضح من قبل في المظاهرة والمناصرة والدال علي عورات المسلمين وكشف مقاتلهم أو التولي بولاية غير ولاية الإسلام أي أنه مناط محدد إذا ارتكبه المسلم مع سلامة كل شيء غير هذا المناط يكون قد كفر وخرج من الملة بارتداده عن دينه ودخوله في دين الكفر ولذلك كان خطاب الله عز وجل للذين آمنوا { يا أيها الذين لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء }
والاتخاذ كما في قوله تعالي { مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن اوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعملون } فالاتخاذ لا يكون إلا في العمل الظاهر فالعنكبوت لا يبني بيتا في الضمائر انما يبني بيتا في الظاهر وليس في دنيا السرائر
- كما لا يصح ان نقيد الظاهر بالباطن كما يقول شيخ الاسلام بن تيمية (لأن الباطن لا ينضبط من حيث وقوعه ولا الدراية به اما الظاهر فينضبط من حيث وقوعه ومن حيث الدراية به )، فالإيمان في نفس الإنسان من الممكن أن يكون مجرد خواطر في قلبه وكذلك الكفر من الممكن أن يكون في قلبه مجرد وساوس و لا تتضح حقيقة الإيمان من حقيقة الكفر إلا بالمحك العملي أي موضع الاختبار ، ففي المحك العملي تتضح الحقائق ، فإما أن يصبح الإيمان مجرد أماني وخواطر ليس لها حقيقة ، او تتحقق حقيقة الإيمان أو أن الكفر مجرد وسواس لا حقيقة لها ام انه الكفر . فإقرار الإنسان عما في نفسه قد لا يكون صحيحا إلا بالأفعال ، وكما قررنا فوجود الأشياء شيء والدراية بها شيء آخر' فقد يكون الإنسان في قلبه شيء ولا يدري به كالموسوس يطلب حصول الشيء وهو حاصل أوقد لا يكون الشيء موجودا ويتخيل وجوده في القلب كالأماني والخواطر التي لا تستقر إلا عند المحك العملي ولا تكون لها حقيقة واقعية 0كما ان المشاعر القلبية تتفاوت ولا تنضبط إلا من حيث ما يقصد بها أي بحسب ما نقضي إليه في الظاهر من أعمال)0
فمع تفاوت المشاعر القلبية واختلاف درجتها ومع احتمال عدم دراية الإنسان بما في قلبه لا يكون أمامنا إلا الظاهر الذي نستطيع من خلاله أن نحكم به علي الباطن ويعرف الشخص حقيقة ما في داخله في بعض المواقف ' وكذلك بالنسبة للآخرين0
ثم يقول د/ طارق (فإذا اعتبرنا هذه الصور كلها، ونظرنا إلى بعض التصرفات التي وقعت فيها الجماعات الجهادية، كالجبهة أو الدولة، فنقول:• ما فعلت النصرة في حادثة أطمة من تمرير سلاح للمرتد جمال معروف، هو من قبيل الحرام شرعاً، إذ يقع تحت بند (فإن كان لدحر بغي رأوه واقع عليهم، فهذا حرام شرعاً.• وما فعلت النصرة في قبول التعاون مع بعض الأهالي ممن أخذ سلاحاً من الجيش الحرّ لقتال النصيرية، ثم أعلن ولاءه لهم ورغبته في الخضوع للشرع، فهذه صورة مباحة بل مندوب اليها لتأليف القلوب.
• وما فعل الشيخ الشهيد أبو سعيد القحطانيّ من أخذ بيعة من أفراد في الجيش الحرّ للجهاد، فهذا فيه طاعة لله، وقد أثمت الدولة بقتله، بعد أن أخفت ذلك أياماً
وقس على ذلك المقياس ما يحدث وما يتجدد.)
قلت (وها هو يعود الى مقياسه الباطل ان الاصل في هذه الاعمال التحريم خلافا لما قرره ان الاصل في هذا الافعال الكفر فإعطاء السلاح مثل ما فعلت النصرة في حادثة أطمة من تمرير سلاح للمرتد جمال معروف هو كفر أكبر ، كما أن هناك فرقا بين التعاون على قتال النصيرية وبين التعاون مع المرتدين على قتال دولة الاسلام الأول لا يكون شركا والثاني هو الشرك والكفر الأكبر فتوى العلامة التسولي رحمه الله :
وقد استفتاه الأمير عبد القادر الجزائري حول من يداخل الفرنسيين ويبايعهم [من البيع] ويجلب إليهم الخيل ، ويدلهم على عورات المسلمين ، ما حكم الله في أنفسهم وأموالهم ؟
قال الأستاذ الحسن اليوبي في كتابه " الفتاوى الفقهية في أهم القضايا من عهد السعديين إلى ما قبل الحماية " ص 232
(وقد نص الفقيه التسولي في جوابه على أن أولئك العملاء إذا أظهروا الميل للعدو الكافر وتعصبوا به ، فيقاتلون قتال الكفار ومالهم فيء.
وبعد أن ساق ما أفتى به بعض الفقهاء من وجوب محاربة القبائل التي تقوم بقطع الطرقات ونهب أموال المسلمين وغير ذلك من الأعمال المنضوية تحت الحرابة عقب على ذلك بقوله : " وإذا كان يقاتل من أراد إفساد الكروم وغابة الزيتون فكيف بمن يريد إفساد الدين بالكتم على الجواسيس ، ونقل الأخبار ومبايعة الكفار ، فهم أسوأ حالا من المحاربين ، لأنهم تولوا الكفار ، ومن تولى الكفار فهو منهم".)
قال الأستاذ الحسن اليوبي معلقا ( وهو حكم صائب فإذا كان الفقهاء قد رأوا قتل الجاسوس وهو الذين يعين الأعداء بنقل أخبار المسلمين إليهم ، وإذا كان الإمام الونشريسي قد أفتى بأن مجرد الدعاء للكفرة بالبقاء وطول المدى " علم على ردة الداعي وإلحاده وفساد سريرته واعتقاده ، لما تضمنه من الرضى بالكفر والرضى بالكفر كفر" فكيف بمن يحمل السلاح إلى جانبهم ، ويدافع عنهم ، ويقتل إخوانه المسلمين ويفعل بهم ما يفعله الأعداء من أسر ونهب ، وفوق ذلك يمكن الكفار من التسلط على أراضي المسلمين ورقابهم).
وجزاكم الله كل خير